التذكية بالطرائق الحديثة
د. حميدة الأعرجي
خلاصـــــة البحث
لا يحل لحم الحيوان البرّي إلّا إذا تمت تذكيته بطريقة خاصة وشرائط معينة نصَّ الشارع المقدس عليها.
تباينت آراء فقهاء المسلمين في الشرائط المعتبرة لتذكية الحيوان البري، فذهب الامامية الى اعتبار (إسلام في الذابح، وأن تكون آلة الذبح من الحديد، وأن يُستقبل بالحيوان القبلة، والتلفظ بالتسمية المقصودة، وفري الأوداج الاربعة)، في حين لم يشترط فقهاء المذاهب الأخرى إسلام الذابح، واستقبال القبلة، و الحديد في آلة الذبح.
اتفق جميع فقهاء المسلمين المعاصرين على حلية التذكية بالطرائق الحديثة إذا ما تحققت فيها شرائط الذبح المعتبرة، وكل بحسب ما اعتبره من شرائط.
Summary
It is not permissible to eat wild animal meat unless slaughtered in a special way and certain conditions legislator Bible text on them.
Muslim jurists were varied views him of considered conditions for the slaughter of wild animals, Imami went to be regarded as (Islam of the slaughterer, and be machine slaughter of iron, and animals must be to the point of the Kaaba, and uttering the name of God, and cut the four members), while the other of doctrines jurists not required Islam of the slaughterer, the point of the Kaaba, and iron in the slaughter machine.
All contemporary Muslim jurists agreed on the permissibility of slaughter by modern machines if the requirement achieved of the prestigious slaughter.
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصَّلاة والسلام على سيد المرسلين أبي القاسم محمد (صلى الله عليه وآله)، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وبعد..
فإنَّ أوامر السماء ونواهيها صادرة عن ذاتٍ محيطة عالمة بما تُحِلّ وتحرِّم على الإنسان من طعام وشراب وفق ما تقتضيه مصلحته ودوام بقائه على هذه البسيطة، فمن المعلوم أنَّ الطعام والشراب فيهما قوام بدن الإنسان واستمراريته، وشحنة نشاطه وطاقته، وفي الوقت نفسه فإنَّ هذا البدن له ارتباط قوي الصلة بالنفس؛ ولذا فلا ريب أنَّ الجسد إذا ما بُني على الحلال الطيب من الطعام فسيكون له التأثير الطيب على النفس وفعالياتها الأخلاقية، والعكس بالعكس.
قال الإمام الصادق (ع): «…إنَّ اللَّه سُبْحَانَه وتَعَالَى… خَلَقَ الْخَلْقَ وعَلِمَ عَزَّ وجَلَّ مَا تَقُومُ بِه أَبْدَانُهُمْ ومَا يُصْلِحُهُمْ فَأَحَلَّه لَهُمْ وأَبَاحَه تَفَضُّلاً مِنْه عَلَيْهِمْ بِه تَبَارَكَ وتَعَالَى لِمَصْلَحَتِهِمْ وعَلِمَ مَا يَضُرُّهُمْ فَنَهَاهُمْ عَنْه وحَرَّمَه…»[1]، ومن هنا فالشريعة المقدسة لم تُحِلّ ولم تحرِّم أصنافًا من الطعام والشراب جزافًا أو من غير عِلّة؛ وإنما لما لها من أثر إيجابي أو سلبي على صحة الإنسان وخُلُقه، ولعل هذا الأثر يستشعره الإنسان المؤمن ويتلمّس وجوده في بدنه ونفسه أكثر من غيره. فهو يشعر بالسعادة والنشوة النفسية إذا ما تناول الطعام الطيّب المعروف المصدر والمكسب، على عكس ما لو عَلِم بحرمة مصدر الطعام ومكسبه، فستراه منقبض الشهية مكتئب النفس لا يستلذ بما يأكل، ولعل قوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ[[2] فيه إشارة إلى ذلك؛ لعلمه -سبحانه- بأثر الطعام الطيّب على نفوس المؤمنين، بل بأثره على الناس كافة، لقوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ[[3] إذ الأمر موجّه للناس كافة بأكل الطيّب من الطعام، الذي تستلذه النفس ولا تتنغّص به.
لم يحرّم القرآن الكريم من الأطعمة، إلّا الميتة ولحم الخنزير والدم، ولحوم الحيوانات غير المذكّاة أو ما أُهِلَّ به لغير الله، ]إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ…[[4] فظاهر الآية عام بتحريم الميتة سواء من الحيوان مأكول اللحم أو من غيره، وسواء ميتة البر أو ميتة البحر. قال الجصاص: «الميتة في الشرع اسم للحيوان الميت غير المذكّى، وقد يكون ميتة بأن يموت حتف أنفه من غير سبب لآدمي فيه، وقد يكون ميتة لسبب فعل آدمي إذا لم يكن فعله فيه على وجه الذكاة المبيحة له»([5]) وتعليل التحريم يأتي في آية أخرى- في قوله تعالى: ]قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ…[[6] إذ وصف -سبحانه- هذه الأصناف المحرّمة بأنها رجس وفسق؛ لما فيها من أضرار مادية تؤثر في صحة بدن الإنسان وروحه، أولاً؛ لكونها تكتنز كثيراً من الأمراض، وثانياً؛ لأنَّ فيها جانب معنوي يؤثر في الإنسان من الناحية الأخلاقية، ويؤيده ما جاء في إ
جابة الإمام الصادق (ع) حينما سُئل عن عِلّة تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير، فقال: «…أمَّا الْمَيْتَةُ فَإِنَّه لَا يُدْمِنُهَا أَحَدٌ إِلَّا ضَعُفَ بَدَنُه ونَحَلَ جِسْمُه وذَهَبَتْ قُوَّتُه وانْقَطَعَ نَسْلُه ولَا يَمُوتُ آكِلُ الْمَيْتَةِ إِلَّا فَجْأَةً وأَمَّا الدَّمُ فَإِنَّه يُورِثُ آكِلَه الْمَاءَ الأَصْفَرَ ويُبْخِرُ الْفَمَ ويُنَتِّنُ الرِّيحَ ويُسِيءُ الْخُلُقَ ويُورِثُ الْكَلَبَ(**)والْقَسْوَةَ فِي الْقَلْبِ وقِلَّةَ الرَّأْفَةِ والرَّحْمَةِ حَتَّى لَا يُؤْمَنَ أَنْ يَقْتُلَ وَلَدَه ووَالِدَيْه ولَا يُؤْمَنَ عَلَى حَمِيمِه ولَا يُؤْمَنَ عَلَى مَنْ يَصْحَبُه…»[7]، ومثله روي عن الإمام الرضا (ع) قول: «… وحُرّمت الميتة؛ لما فيها من فساد الأبدان والآفة، ولما أراد الله عز وجل أن يجعل تسميته سبباً للتحليل وفرقاً بين الحلال والحرام. وحَرّم الله عز وجل الدم كتحريم الميتة؛ لما فيه من فساد الأبدان، ولأنه يُورِثُ الْمَاءَ الأَصْفَرَ ويُبخر الفم ويُنتن الريح ويُسيء الخُلُق ويُورِث القسوة للقلب وقلة الرأفة والرحمة حتى لا يُؤمَن أنْ يقتل والده وصاحبه»[8].
ومن هنا كانت غايتي في اختيار موضوع البحث، للوقوف على مصادر اللحوم المجمّدة التي غرقت بها أسواق المسلمين، والتي يشوبها الشك والشبهة من حيث طريقة تذكيتها ومدى تحقق الشروط الشرعية المعتبرة فيها، فانتظم في مبحثين، خُصّص الأول منها للتعريف بالتذكية الشرعية وبيان شروطها وأحكامها، وخُصّص الآخر لعرض طرائق التذكية الحديثة وآراء فقهاء المسلمين فيها، ثم خرج البحث بخاتمة تضمنت أهم ما رشح عنه من نتائج.
المبحث الأول
تعريف التذكية، وبيان شروطها وأحكامها
سيتم دراسة هذا المبحث من خلال المطالب الثلاث الآتية:
– المطلب الأول: التذكية لغةً واصطلاحًا.
– المطلب الثاني: شروط التذكيـــــــة الشرعيــــــــة.
– المطلب الثالث: آداب الذبـــــــــــــح.المطلب الأول: التذكية لغةً واصطلاحًا
أولًا: التذكية لغة:
الذكاء في الشيء، إتمامه، ومنه الذكاء في الفهم: أن يكون فهمًا تامًّا سريع القبول، وكذا في السِّن والذبح، فهو تمام السِّن والذبح. وكل ذبح ذكاة، وتذكية الحيوان البرِّي أن تدركه وفيه بقية تشخب معها الأوداج وتضطرب اضطراب المذبوح الذي أدركت ذكاته[9]، قال تعالى: )حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ…([10]. والذي يظهر من المعنى اللغوي أنَّ الذكاةَ ذبحٌ مخصوص، لا كلَّ ذبحٍ، فهو خاص بطريقة معينة للحيوان البرّي الحي، فلا يُعد ذبح الحيوان الميّت –بأي سبب من الأسباب- أو نجس العين، ذكاةً، وإنْ كان بالطريقة المنصوص عليها شرعًا.
ثانيًا: التذكية اصطلاحًا
اختلفت تعريفات فقهاء المسلمين للتذكية الشرعية؛ تبعًا لمبانيهم الفقهية في كيفية الذبح وشروطه، ومن هذه التعريفات:
1- التذكية عند فقهاء الإمامية
لم أجد تعريفًا منطقيًا للتذكية عند متقدمي فقهاء الإمامية، ولكن الذي يُستشف من فتاويهم، والمنسوب إلى مشهورهم، أنّ التذكية عبارة عن فري -قطع- المسلم بآلة من حديد للأعضاء الأربعة، والأعضاء الأربعة، هي: الحلقوم، وهو مجرى النفس دخولًا وخروجًا، والمريء، وهو مجرى الطعام والشراب، والودجان، وهما عرقان في صفحتي العنق يحيطان بالحلقوم، ويقال للحلقوم والمريء معهما: الأوداج[11].
أمّا من المعاصرين فقد عرّفها السيد البجنوردي (ت: 1395هـ) بأنها: «عبارة عن فري الأوداج الأربعة من مسلم بآلةٍ من حديدٍ مُسمِّيًا موجِّهًا إلى القبلة»[12] ثم بيّن أنَّ «أثرها في الحيوان المحلَّل الأكل، أمران: طهارة أجزائه، وحِلِّية أكله، وفي الحيوان المحرَّم الأكل، طهارة بدنه وأجزائه فقط، وأما حرمة أكله فذاتية لا تزول، وأما الحيوان نجس العين كالكلب والخنزير البرّيان فالمحل غير قابل للتذكية»[13].
وعرّفها السيد الخميني (ت: 1410ه)، بأنها عبارة عن: «إزهاق الروح بكيفية خاصة معتبرة في الشرع، أي فري المسلم الأوداج الأربعة متوجّهًا بالحيوان إلى القبلة، ذاكرًا عليه اسم الله، مع قابلية الحيوان لها»[14]، وكان من الممكن أن يكتفي السيد بذكر عبارة «إزهاق الروح بكيفية خاصة معتبرة في الشرع» لكنه بيّن أنَّ هذه الكيفية الخاصة تتحقق بالشروط الشرعية المنصوص عليها، إضافة إلى قابلية المحل.
وعرّفها الدكتور فتح الله، بـ : السبب (الشرعي) لحلِّية أكل لحم الحيوان المأكول اللحم[15] .
2- التذكية عند فقهاء المذاهب الإسلامية الأخرى
عرّفها ابن العربي (ت: 543هـ)، بأنها: «عبارة عن إنهار الدم وفري الأوداج في المذبوح، والنحر في المنحور، والعقر في غير المقدور عليه، مقرونًا ذلك بنية القصد إليه، وذكر الله تعالى عليه»[16]. ويَرِد عليه أنه تعريف غير جامع وغير مانع، إذ لم يحدد نوع الحيوان المراد
تذكيته، ولا أهلية الذابح، كما أنَّ شروط الكيفية ناقصة.
وعرّفها خليل الجندي (ت: 767هـ) بـ : «قطع مُميِّزٍ يُناكِح تمام الحلقوم والودجين من المقدم بِلا رفعٍ قبل التمام»[17]. ولا يخفى ما في هذا التعريف من قصور عن الجمع والمنع أيضًا، فهو وإنْ حدّد الذابح بالمميِّز وأخرج غيره من الأهلية، إلّا أنه لم يبين نوع الحيوان المذبوح، ولا تمام شروط الكيفية.
أمّا أرجَحُ التعريفات السابقة، فيبدو أنّ تعريف الدكتور أحمد فتح الله أرجحها إذا ما أضيف له (والانتفاع بأجزاء غير مأكول اللحم إلّا الكلب والخنزير)؛ لأنّ قوله: (السبب الشرعي) شامل لجميع شروط التذكية الشرعية، وإن اختلفت مباني الفقهاء، ومن كِلا الفريقين.
المطلب الثاني: شروط التذكيـــــــة الشرعيــــــــة
حدد فقهاء المسلمين –ومن كلا الفريقين- شروطًا معينة للتذكية الشرعية بناءً على ما جاء من نصوص قرآنية، أو مما رُوي عن المعصوم u، فإنْ لم تتحقق هذه الشروط –ولو شرطًا واحدًا- حَرُمت الذبيحة، ولا يجوز أكلها. ولأجل معرفة مدى تحقق هذه الشروط على الذبح بالطرق الحديثة أو عدم تحققها، لابدّ من ذكرها والوقوف على آراء فقهاء المسلمين فيها.
أولًا: عند فقهاء الإمامية
اتفق فقهاء الإمامية على شروط عامة أوجبوا تحصيلها في تحقق التذكية الشرعية، مستندين في ذلك إلى سنّة المعصوم u المبيِّنة والمفصِّلة لأحكام القرآن الكريم.
أما الشروط التي استخلصوها من الروايات فهي:
1- إسلام الذابح: إذ ذهب مشهور فقهائهم –لاسيما المتأخرين منهم- إلى اشتراط الإسلام أو حُكمه(*) في الذابح، فلا يتولاه الوثني والكافر، وإن كان من كفار المسلمين كالمرتد والغالي والناصبي –الذي ينصب العداء لأهل البيت عليهم السلام-، وكذلك أهل الكتاب[18]. ومستندهم في ذلك ما روي عن المعصومين عليهم السلام، منها: صحيحة سليمان بن خالد قال: «سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه ع عَنْ ذَبِيحَةِ الْغُلَامِ والْمَرْأَةِ هَلْ تُؤْكَلُ فَقَالَ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ مُسْلِمَةً وذَكَرَتِ اسْمَ اللَّه عَزَّ وجَلَّ عَلَى ذَبِيحَتِهَا حَلَّتْ ذَبِيحَتُهَا وكَذَلِكَ الْغُلَامُ إِذَا قَوِيَ عَلَى الذَّبِيحَةِ وذَكَرَ اسْمَ اللَّه عَزَّ وجَلَّ عَلَيْهَا وذَلِكَ إِذَا خِيفَ فَوْتُ الذَّبِيحَةِ ولَمْ يُوجَدْ مَنْ يَذْبَحُ غَيْرُهُمَا»([19]) إذ اشترط الإسلام في المرأة، ولا ريب أنَّ اشتراطه في الرجل أولى؛ لأنّ الأصل في تولي هذا العمل مُوكلٌ إليه.
غير أنَّ ابن أبي عُقَيل (ت: 267هـ)، وابن الجُنيد (ت: 381هـ) شذّا في عدم اعتبار هذا الشرط، وقالا بحِلّية ذبائح أهل الكتاب مطلقًا([20])، في حين قيّدها الشيخ الصدوق (ت: 383هـ) بسماع التسمية منهم أثناء الذبح، وهو ما ذهب إليه السيد الروحاني -من المعاصرين- أيضًا، بعد أن أفاض البحث في الأدلة عليه([21]).
2- أن تكون آلة الذبح من الحديد، ولا خلاف بين الإمامية في ذلك، فلا تصح التذكية إلّا به مع التمكن منه، لما جاء في صحيحة حسن بن مسلم «سألت أبا جعفر u عن الذبيحة بالليطة والمروة(*)، فقال: لا ذكاة إلّا بحديد»[22]، وصحيحة حسن الحلبي عن أبي عبد الله(ع) «سألته عن ذبيحة العود والحجر والقصبة، فقال: قال علي u: لا يصلح إلّا بحديدة»[23]… وغيرها من الأحاديث. أما إذا تعذّر وجود الحديد وخيف فوت الذبيحة جاز بأي شيء يفري أعضاء الذبيحة، لما ورد عن زيد الشحّام: «سألت أبا عبد الله u عَنْ رَجُلٍ لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِه سِكِّينٌ أيَذْبَحُ بِقَصَبَةٍ فَقَالَ اذْبَحْ بِالْقَصَبَةِ وبِالْحَجَرِ وبِالْعَظْمِ وبِالْعُودِ إِذَا لَمْ تُصِبِ الْحَدِيدَةَ إِذَا قَطَعَ الْحُلْقُومَ وخَرَجَ الدَّمُ فَلَا بَأْسَ»[24].
3- أن يُستقبَل بالحيوان القبلة حين الذبح، بحيث يكون مقاديم بدنه -نحره وبطنه- مستقبل القبلة مع الإمكان إلّا إذا كان الذابح ناسيًا أو جاهلًا، ومع عدم التمكن –لتردّي الحيوان او استعصائه- يكفي صدق الاستقبال ولو كان الحيوان واقفًا ويكون رأسه ومقاديم بدنه إلى القبلة؛ لمقتضى إطلاق النصوص[25]، منها ما جاء عن محمد بن مسلم، أنه سأل الإمام الباقر u عن الذبيحة، فقال: «استقبل بذبيحتك القبلة…»[26]، وعن الحلبي أنَّ الإمام أبي عبد الله الصادق (ع): «سُئل عن الذبيحة تذبح لغير القبلة، قال: لا بأس إذا لم يتعمّد…»[27].
4- التسمية المقصودة من الذابح، أي يعمد إلى ذكر اسم الله تعالى على الذبيحة أثناء الذبح، فلا تجزي التسمية الاتفاقية؛ لما ثبت بالنص القرآني، وتأكّد بقول المعصوم (ع)، قال تعالى: )فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ…([28]، وقال: )وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ…([29]، فإنْ تعمّد الذابح تركها حَرُمت الذبيحة، فإنْ لم يكن ملتفتًا ونسى ذكرها لم تحرم[30]، لرواية الحلبي عن أبي عبد الله(ع)، أنه سُئل: «…عن الرجل يذبح فينسى أنْ يسمِّي، أتؤكل ذبيحته؟ فقال: نعم إذا كان لا يُتّهم، وكان يحسن الذبح…»[31]، وعن م
حمد بن مسلم قال: «…وسألته عن رجل ذبح ولم يُسمِّ، فقال: إن كان ناسيًا فليُسمِّ حين يذكر، ويقول: بسم الله على أوله وعلى آخره»[32].
5- فري الأوداج الأربعة، وهي: (الحلقوم، وهو مجرى النفس، والمريء، وهو مجرى الطعام والشراب ومحله تحت الحلقوم، والودجان، وهما عرقان كبيران أمام العنق في طرفيه محيطان بالحلقوم والمريء). وتحديد الفري بهذه الأعضاء متفق عليه بين المسلمين[33]؛ لما ورد من أخبار عن المعصوم(ع)، منها: عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: «سألت أبا إبراهيم (ع)عن المروة والقصبة والعود يُذبح بهن إذا لم يجدوا سكينًا؟ قال: إذا فرى الأوداج فلا بأس بذلك»[34].
ثانيًا: عند المذاهب الإسلامية الأخرى
يتفق فقهاء المذاهب الإسلامية مع فقهاء الإمامية في وجوب إحراز تذكية الحيوان البرّي مأكول اللحم بفري أوداجه الأربعة، مصحوب بنيَّة القصد إليه، والتسمية(*). إلّا أنهم اختلفوا معهم في آلة الذبح، واستقبال القبلة، وأهلية الذابح. فقالوا:
1-يشترط أن تكون آلة الذبح حادة، قاطعة بحدِّها لا بثقلها، سواءً كانت حديدًا، أم حجرًا، أم خشبًا، أم زجاجة…إلخ، إلّا السِّن والظفر، فإن ذُبِح بهما حرمت الذبيحة، ودليلهم فيه عموم حديث رافع بن خديج، بجواز التذكية بكل ما أنهر الدم إلّا السِّن والظفر[35]، قال: «قلت يا رسول الله أنّا لاقوا العدو غدًا وليست معنا مُدًى، قال صلى الله عليه وسلم: أعجِل أو أرني ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكل، ليس السِّن والظفر، وسأحدثك: أما السِّن فعظم، وأما الظفر فمُدَى الحبشة…»[36].
2-توجّه الذابح والذبيحة نحو القبلة من سُنن الذبح -أي من المستحبات- ، لاسيما في التضحية[37]؛ «لأنَّ القبلة جهة معظّمة وهي أشرف الجهات، والتذكية عبادة، وكان الصحابة إذا ذبحوا استقبلوا القبلة، ولأنَّ النبي صلّى الله عليه وسلم لما ضحّى، وجَّه أضحيته إلى القبلة، فإن لم يستقبل ساهيًا أو لعذر، أُكِلت»[38].
3- أمّا الذابح، فيجب أن يكون مميزًا عاقلًا، مسلمًا، أو كتابيًا-ذميًا أو حربيًا أو من نصارى بني تغلب- قاصدًا التذكية، ولو كان مكرهًا على الذبح، ذكرًا أو أنثى. فلا يصح ذبح غير المميز والمجنون والسكران، ولا تؤكل ذبيحة المشرك والمجوسي والوثني والمرتد، ودليلهم في حلّية ذبائح أهل الكتاب عموم قوله تعالى: )الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ…([39]؛ لأنهم فسّروا طعام أهل الكتاب بـ (ذبائحهم)[40]، وعلّله بعض الأحناف بأنه «لو لم يكن المراد ذلك، لم يكن للتخصيص بأهل الكتاب معنى؛ لأنَّ غير الذبائح من أطعمة الكفرة مأكول، ولأنَّ مطلق اسم الطعام يقع على الذبائح كما يقع على غيرها؛ لأنه اسم لما يتطعم والذبائح مما يتطعم فيدخل تحت إطلاق اسم الطعام»[41].
كما استدل بعض المعاصرين على الحِلِّية بحديث (الشاة المسمومة) المروي في الصحاح عن أنس بن مالك: «أنَّ يهودية أتت النبي صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة، فأكل منها فجيء بها فقيل: ألَا نقتلها؟ قال: لا. قال: فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم»[42]. بدعوى أنه لو لم يحل أكل ذبائح أهل الكتاب، لما أكل رسول الله (صلى الله عليه وآله) من هذه الشاة[43].. ولا ريب أنَّ هذا الاستدلال يكون قويًا وواردًا فيما لو كانت الرواية صحيحة ومتفق عليها بين الفريقين، ولكن هذا الأمر غير متحقق.
تجدر الإشارة إلى أنَّ فقهاء المذاهب الإسلامية وإن أحلّوا ذبائح أهل الكتاب بالعنوان العام، إلّا أنهم اختلفوا في تفاصيل شروط الحلِّية، ومن ثم تخصيص عموم آية الحل، وهو ما يصلح للرد على مَن يُشكل عليهم بأنَّ من طعام أهل الكتاب ما هو محرّم في الإسلام كالخنزير، والميتة …وغيره. ومنه قولهم:
أ- إن كانت ذبائحهم يسمونها لله تعالى فهي حلال، وإن كان لهم ذبح آخر يسمون عليه غير اسم الله تعالى مثل اسم المسيح، أو يذبحونه باسم دون الله تعالى، لم يحل هذا من ذبائحهم؛ لأنَّ الشيء قد يُباح مطلقًا وإنما يُراد بعضه دون بعض[44].
ب- ألّا يغيب الكتابي حال ذبحها عن المسلم، فإن غاب لم تؤكل، قال ابن راشد: القياس أنه إذا كان يستحل الميتة لم تؤكل ذبيحته، ولو لم يغب عليها؛ لأنَّ الذكاة لابدّ فيها من النيّة، وإذا استحل الميتة فكيف ينوي الذكاة؟[45]، أي أنه لا يؤمَن منه صدق النيّة، ولا صدق قوله، فقد يكون قد قتل الحيوان ومن ثم ذبحه.
ت- ألّا يكون ما ذبحه الكتابي مما حرّمه الله على المسلمين بعينه كالخنزير، أو أنَّ الكتابي أزهق روح الحيوان بطريقة غير شرعية كالخنق، والضرب، وما في معناه لقوله تعالى: )حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ…([46][47].
المطلب الثالث: آداب الذبـــــــــــــح
الآداب التي أوصت الشريعة بمراعاتها في الذبح،
منها ما هو مستحب ومنها ما هو مكروه، يمكن إجمال بعضها في النقطتين الآتيتين[48]:
– النقطة الأولى: مستحبات الذبح
1-يستحب في ذبح الغنم أن تربط يداه ورجل واحدة، ويمسك صوفه أو شعره حتى يبرد، وفي ذبح البقر أن تعقل يداه ورجلاه ويطلق الذنب، وفي الإبل أن تربط أخفافها إلى آباطها وتطلق رجلاها هذا إذا نحرت باركة أما إذا نحرت قائمة فينبغي أن تكون يدها اليسرى معقولة، وفي الطير يستحب أن يرسل بعد الذباحة. ومستنده ما ورد في الروايات، منها: حسنة حمران بن أعين، عن أبي عبد الله u، قال: «سألته عن الذبح، فقال: إذا ذبحت فأرسل ولا تكتّف، ولا تقلب السكين لتدخلها من تحت الحلقوم وتقطعه إلى فوق، والإرسال للطير خاصة… وإن كان شيء من الغنم فأمسك صوفه أو شعره، ولا تمسكن يدًا ولا رجلًا، وأما البقر فأعقلها وأطلق الذنب، وأما البعير فشد أخفافه إلى آباطه وأطلق رجليه…»[49] .
2-تحديد الشفرة، وسرعة القطع، وألّا يُري الشفرة للحيوان، ويمر السكين بقوة وتحامل ذهابًا وعودًا، ويجدّ في الإسراع؛ ليكون أرخى وأسهل، لرواية شداد بن أويس، قال: «ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم، قال: إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، وليُرِح ذبيحته»[50]. ولرواية سالم بن عبد الله عن أبيه، أن النبي (صلى الله عليه وآله) «أمر بحد الشفار، وأن تُوارَى عن البهائم، وإذا ذبح أحدكم فليُجهِز»[51].
يشار إلى أنَّ الأبحاث الطبية الحديثة أثبتت أنَّ طريقة الذبح اليهودية والإسلامية هي أسرع في إماتة الحيوان وخروج روحه، ومن ثم لا تُحدِث أيَّ تأثير من القسوة؛ لأنَّ السكّين الحاد وسرعته، والقطع يُؤدّى بمهارةِ رجلٍ مدَرَّب، يتسببان بإحداث نزيف شديد بعد قطع الأوعية السباتية (بالرقبة)، الأمر الذي يتبعه هبوط سريع جداً في ضغط الدم بشرايين المخ؛ ولهذا يحدث نقص الأوكسجين نتيجة قلة الإمداد من الدم إلى أنسجة المخ، فيحدث فَقد الوعي في الحال.. وقد أثبتت دراسة أجريت بجامعة هانوفر، ونشرت بمجلة الطب البيطري الألمانية عدد فبراير سنة 1984م، أنَّ رسم المخ المقام لأعداد مختلفة من العجول والخراف يتوقف -أي فقدان الوعي تمامًا- بعد الذبح الحلال بـ (4-6 ثوان) فقط، و لا ألم بعد ذلك. في حين لا تثبت النتائج نفسها عند استخدام المسدس، إذ يبقى الألم و يستمر فترة أطول إلى ما بعد الذبح. كما أوضح العالم الألماني (البروفيسور شولتز) أن طريقة الذبح الحلال الإسلامي أو اليهودي، غير مؤلمة للحيوان إذا تمت بطريقة صحيحة، وقد ثبت أنه لا علاقة مطلقاً بين حركة الحيوان العنيفة بعد الذبح وبين إحساس الحيوان بالألم إذا كانت السكين المستخدمة حادة، إذ أنها مثل أن يُجرح إنسان بسكين مطبخ فلا يشعر بهذا الجرح إلّا بعد حين[52].
3- أن يستقبل الذابح القبلة، وأن يُساق الحيوان إلى الذبح برفق، وأن يُضجع برفق، ويعرض عليه الماء قبل الذبح. وألّا يحركه إلّا بعد الذبح، ولا يجرّه من مكان إلى آخر، بل يتركه إلى أن تفارقه الروح.
– النقطة الثانية: مكروهات الذبح
1-نخع الذبيحة، وهو أن يبلغ بالسكين النُخاع -الخيط الأبيض وسط الفقار- فيقطعه، أو يقطعه قبل موتها. لرواية محمد الحلبي، عن أبي عبد الله(ع) قوله: «لا تنخع الذبيحة حتى تموت، فإذا ماتت فانخعها»[53]، وعنه –الحلبي- عن الإمام الصادق(ع) أنه سئل «عن رجل ذبح طيرًا فقطع رأسه، أيؤكل منه؟ قال(ع): نعم ولكن لا يتعمد قطع رأسه»[54].
2-إيقاع الذبح ليلًا؛ لما روي أنه (صلى الله عليه وآله) نهى عن الذبح ليلًا؛ ولرواية أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله(ع)، قال: «كان علي بن الحسين (ع) يأمر غلمانه أن لا يذبحوا حتى يطلع الفجر، ويقول: إنَّ الله تعالى جعل الليل سكنًا لكل شيء، قلت: جعلت فداك فإن خفنا؟ قال: إن كنت تخاف الموت فاذبح»[55].
3- إيقاعه يوم الجمعة إلى الزوال، لرواية الحلبي عن أبي عبد الله u قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يكره الذبح وإراقة الدم يوم الجمعة قبل الصلاة إلّا عند الضرورة»[56].
4-أن يذبح الحيوان صبرًا، وهو أن يذبحه وحيوان آخر ينظر إليه، لرواية غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله(ع): «أنَّ أمير المؤمنين(ع) قال: لا تذبح الشاة عند الشاة، ولا الجزور عند الجزور وهو ينظر إليه»[57].
المبحث الثاني
التذكية بالطرائق الحديثة وأحكامها
هناك طرائق عدة استحدثها الإنسان المعاصر لذبح الحيوانات بكميات كبيرة؛ كي يلبي حاجة الناس المتزايدة إليه جرّاء النمو السكاني وارتفاع المستوى المعاشي. ومن هذه الطرائق ما هو آلي ومنها ما هو يدوي ولكن بمساعدة الآلات الحديثة. ولأجل الشبهة الحاصلة من هذه الطرائق في مدى تحقيق التذكية الشرعية من عدمها، ازدادت استفتاءات المسلمين –ومن كلا الفريقين- إلى الفقهاء لمعرفة الرأي الشرعي في تذكية الذبائح بهذه الطرائق، فانبرى فقهاء المسلمين للفتوى والبحث وإبداء آرائهم فيها.
ومن أجل الوقوف على جملة من هذه الآراء، سيتناولها البحث في المط
لبين الآتيين:
– المطلب الأول: الذبح الآلي وأحكامه.
– المطلب الثاني: الذبح المشترك –الآلي، اليدوي- وأحكامه.
المطلب الأول: الذبح الآلي وأحكامه.
تقدم في المبحث الأول ذكر ضوابط وشروط التذكية الشرعية، فاتفق مشهور فقهاء الإمامية على وجوب تحققها في حلّية الذبيحة، وهي: (كون الذابح مسلمًا، وكون الذبح بالحديد مع إمكانه، وكون الحيوان مستقبل القبلة حين الذبح، والتسمية من الذابح، وفري الأوداج الأربعة)، فإذا ما تحققت هذه الشروط في التذكية بالطرائق الحديثة، فلا ريب أنَّ التذكية تكون شرعية، ويحل أكل الذبيحة، وهذا ما أفتى به فقهاء المذاهب الإسلامية[58].
وفيما يأتي ذكر بعض طرائق الذبح الآلي المستخدمة في دول العالم ومدى مطابقتها مع التذكية الشرعية، أو عدمها، ورأي الفقهاء فيها:
أولًا: الذبح الآلي للمواشي.
الذبح الآلي الافتراضي، هو أن تذبح مجموعة من الحيوانات ببتر رؤوسها مرة واحدة بآلة حادة، بعد أن توضع هذه الحيوانات بوضعية معينة، كأن تكون واقفة على أرجلها، أو معلقة منها بشكل منكوس، من دون تسليط أي مؤثر خارجي من شأنه أن يفقدها الوعي، أو أن يشل حركتها.
ولكن نظرًا للدعوات المنادية بالرفق بالحيوان أثناء ذبحه، اخترعت بعض الدول الغربية وسائل من شأنها إفقاد الحيوان لوعيه (أو شلّه عن الحركة) قبل تقديمه للذبح، منها:
1- صعق الحيوان قبل الذبح: وهي على طرائق عدة، منها[59]:
أ- الصعق الكهربائي: وتتم بوضع الحيوان في مكان مخصص، ومن ثم يقوم رجل بإيصال صدمة كهربائية بواسطة آلة خاصة أشبه بالمقص توضع على مقدمة رأس الحيوان، مما يجعله يفقد حواسه ويسقط على الأرض. وإذا لم تتم عملية التدويخ الكهربائي بالدقة المطلوبة فإنها تؤدي إلى شللٍ كاملٍ للذبيحة مع وجود الوعي على حالته. وتعرف علميًا بالصـــدمة الضـــــائعة أو التائهة (Missed chock) وتكمن ديناميكية هذه الطريقة في تنبيه خلايا المخ بصورة غير طبيعية، ولا متفقة، مما ينجم عنه تشـــوه في خلايا المخ، وحالة من عدم التمييز(Confusional state) .
ب-المطرقة الحديدية: إذ تضرب جبهة الحيوان بمسدس يتعلق بفوهته قطعة حديدية مثل الرصاص، فتُحدث بالحيوان ارتجاجاً شديداً في مخّه، وأحيانًا يتهشم مكان الإصابة من جبهته، ثم يخر صريعاً على الأرض. وهذه الطريقة أقل تأثيراً على الحيوان من المسدس الواقذ، ونسبة الوفيات منه أقل مما هي في المسدس الواقذ. والحيوان المصعوق بهذه الطريقة يبدأ بتحريك يديه ورجليه بعد حوالي (5 ــ 6) دقائق.
ث- القذيفة النارية: وتطلق من مسدس خاص يسمى، المسدس الواقذ ذو الطلقة المسترجعة (Captive Bolt Pistol): إذ يوّجه إلى جبهة الحيوان في موضع محدد -يختلف تبعًا لنوع الحيوان- وعند الضغط على الزناد تنطلق خرطوشة فارغة من المسدس لتوجِّه مسماراً غليظاً إلى داخل الجمجمة ونسيج المخ، ويظل المسمار الغليظ المدبب من الأمام متصلاً بالمسدس يعود إليه آليا بواسطة نابض مرتبط طرفه الأول بالمسدس، والثاني بالمسمار، بحيث يسمح هذا الوضع باستعماله دائمًا. وباستخدام هذه الطريقة يستمر القلب في الخفقان لفترة يسيرة، وتتهتك أنسجة المخ. وبهذا لا يدوخ الحيوان فقط، بل يموت أيضاً.
2- تخدير الحيوان قبل الذبح، وهو بوسائل عدة أيضًا، منها:
أ- التخدير بثاني أوكسيد الكربون: وتعد هذه الطريقة -عندهم- من أحدث الطرائق وأنظفها، وقد استخدمت لأول مرة في أحد مصانع اللحوم المعلبة بأمريكا عام (1950م)، ثم انتقلت بعد ذلك إلى الدانمارك وغيرها. إذ شاع استعمالها في كثير من مجازر أوربا؛ لرخص ثمن الغاز، وسهولة العملية مقارنة بالتدويخ الكهربائي. وعلى الرغم من أن تركيز 65ــ70 % من ثاني أوكســيد الكربون في الهواء يعد كافيًا لإحداث التخدير قبل الذبح، إلّا أنَّ النســبة المســـــتعملة في المسالخ عادة لا تقل عن 70% في الهواء الذي لا يحوي أكثر من 70% أوكســـجين، الأمر الذي يؤدي إلى حـــالة شــــــديدة من الاختناق، أو ما يسمى علميًا بنقص الأوكسجين. وعلى الرغم من إشارة البعض إلى عدم تأثر اللحم بهذه الطريقة، إلّا أنه مما لا شك فيه أن صوف الغنم المخدر بهذه الطريقة يمتص جزءًا كبيراً من غاز ثاني أوكسيد الكربون من الهواء المحيط، وعادة ما يتأثر الأُس الهيدروجيني للحم، وتقل صلاحيته للحفظ والاستهلاك الآدمي[60].
ب-طعن النخاع الشوكي خلف الرقبة، ما بين الجمجمة والفقرة الأولى بعد خفض رقبة الحيوان إلى الأسفل بقوة، ما يؤدي إلى قطع الحبل الشوكي وبالتالي التخدير (الشلل التام) للحيوان[61]. وبعد أن يغشى على الحيوان بأي طريقة من هذه الطرائق، يعلّق منكوسًا برافعة، ويصفّى دمه إما بواسطة الذبح الأوتوماتيكي، أو من قبل جزّار يقوم بقطع الأوداج -إذا كان الجزار مسلمًا-، أو بغرس سكين في الوريد -إذا كان غير مسلم- وإخراجه بقوة؛ ليسيل الدم[62].
ثانيًا: الذبح الآلي للدجاج.
تستخدم طرائق الصعق الكهربائي وغيره في الذبح الآلي للدجاج أيضًا على اختلاف الأغراض منه، فمنهم من يعتبره من باب الرفق با
لحيوان، ومنهم من يعتبره وسيلة للسيطرة على الحيوان أثناء الذبح بعد أن تشل حركته بالصعق.
ومن هذه الطرائق:
أ- الصعق الكهربائي، إذ يتم تعليق الدجاج من أرجله منكوسًا، ثم يعرّض لصدمة كهربائية من (50، 70، 90 فولت، أي 100، 200، 250 ملي أمبير) كصدمة متوسطة، إما باليد، أو بواســـــــــطة صدمة (400-1000 فولت) في أقفاص موصلة بالكهرباء تصيب الطير في أي مكان، أو بصعقها عبر أحواض فيها مياه مكهربة تغطّس فيها الدواجن المعلّقة من أرجلها بواسطة شريط متحرّك، فتفقد الوعي وتشل حركتها، بعدها يتم جرح رقابها بسكين حاد أوتوماتيكيًا، ليخرج منه الدم، إلى أن تتم المراحل الباقية من النتف والتصفية والتعليب[63]. وتستخدم تقنية الحوض المكهرب في بعض الدول العربية والإسلامية أيضًا، مع إضافة جهاز على ماكينة الذبح الآلي، مسجّل عليه “بسم الله-الله أكبر” عدة مرات[64].
ب-الصعق بالهواء المنفجر، فبعد أن يعلّق الدجاج من أرجله، يتم إمراره –أوتوماتيكيًا- بآلة مستديرة تنفتح إلى النصف -مكتوب عليه الذبح بطريقة التدويخ-، فيدخل رأس الدجاج فيها ويعرّض للضرب بهواء شديد الانفجار، ما يؤدي إلى فقدانها الوعي وشل حركتها، ثم تمر بجهاز آخر يقطر فيه الدم أو غيره من السوائل، وبعده تمر على جهاز يعمل بالبخار، أو الماء الحار جدًا، وتخرج منه لأجهزة النتف والتنظيف إلى أن تخرج لأكياس النايلون ثم للكرتون الذي كتب عليه باللغة العربية (ذبح على الطريقة الإسلامية)([65]).
ثالثًا: الآثار السلبية للصعق والتخدير.
من أهم الآثار الطبية المترتبة على صعق الحيوان أو تخديره قبل الذبح، السلبيات الآتية:
1- أنَّ الحيوان إذا ما فقد الوعي بواسطة المؤثرات على الجهاز العصبي -سواء بالصعق أو بالتخدير- سيؤدي ذلك إلى شلل الجهاز العصبي، وبالتالي ارتخاء القلب والعضلات، الأمر الذي يؤدي إلى بقاء كمية كبيرة من الدم داخل جسم الحيوان بعد ذبحه؛ لضعف القلب والعضلات عن الانقباض والضغط على الأوردة والشرايين المؤديان إلى خروج أكبر كمية ممكنة من الدم بعد قطع الودجين[66].
2- إنَّ الوسائل المستخدمة في الصعق والتخدير قد لا تؤدي الغرض المرجو منها، وهو إراحة الحيوان وإفقاده الإحساس بألم الذبح. إذ أشارت البحوث الحديثة إلى أنَّ استجابة الحيوانات للصعق الكهربائي تختلف بعضها عن بعض، فعند تمرير التيار في رأس الخروف –مثلًا- تنقبض كل أرجله الأربعة، ويغلق عينيه لبضع ثوانٍ، ثم يفرد رجليه الخلفيتين، وبعد حوالي عشر ثوانٍ يُلاحَظ ارتخاء بالعضلات مع حركات مشي وهمية بالخلفيتين، وأثناءها تُفتح العينان، ويتجه البؤبؤ إلى الأعلى حيث يظهر بياض المقلتين فقط. وعلى هذا فلم يُتأكّد إلى اليوم أنَّ الأغنام تفقد وعيها لفترة كافية بعد تدويخها بالصدمة الكهربائية. وكذا في الأبقار لم يتأكد بعد من صلاحية التدويخ بهذه الطريقة[67]. ما يعني أنَّ الحيوان يبقى يشعر بألم الذبح، فضلًا عن ألم الصعق.
3- قد يؤدي الصعق إلى موت نسبة عالية من الحيوانات قبل ذبحها؛ لاسيما الأبقار المصعوقة بالمسدس الواقذ، إذ يؤدي استعماله إلى قتل الحيوان باعتراف مصنعيه أنفسهم[68].
رابعًا: أحكام الذبح الآلي الشرعية
تباينت آراء فقهاء المذاهب الإسلامية في شرعية الذبح الآلي من حيث كونه واجدًا لشروط التذكية المنصوص عليها أم لا، فمنهم من ذهب إلى حِلِّية ذبيحته مطلقًا، ومنهم مَن فصّل في الحكم.. وفيما يأتي الوقوف على رأي فقهاء الإمامية المعاصرين، وفقهاء المذاهب الإسلامية الأخرى.
1- رأي فقهاء الإمامية.
فيما تقدّم ذكر صورتين للذبح الآلي، الأولى: أن يذبح الحيوان آليًا وهو بكامل وعيه، والثانية: أن يذبح بعد تعريضه لمؤثرات خارجية من شأنها أن تفقده الوعي وتشل حركته، كالصعق أو التخدير.. ولكل من الصورتين رأي عند الفقهاء، يمكن إجمالها بالآتي:
– حكم الصورة الأولى: أفتى بعض الفقهاء المعاصرين بصحة الذبح الآلي، وحِلِّية أكل ذبيحته إذا روعي فيه شرائط الذبح المعتبرة، أو المنصوص عليها، من حيث كون المتصدي للذبح -أو مشغّل الآلة- مسلمًا، ويذكر اسم الله تعالى على الذبيحة -أو الذبائح-، ويستقبل بها القبلة، وأنَّ آلة الذبح من حديد، وتقطع الأوداج الأربعة[69].
ولكن هناك من الفقهاء مّن أثار بعض الإشكالات التي من شأنها أن توهم بعدم حِلَّية الذبيحة المذكّاة آليًا؛ لعدم تحقق الشرائط الشرعية المعتبرة فيها. وفيما يأتي ذكر لأهم هذه الإشكالات، مع أجوبة المجوّزين للذبح الآلي عنها([70]):
أ- انتساب الذبح للآلة، لا للإنسان: وهو مخالف لما نصّت عليه آية تحريم الأطعمة، في قوله تعالى: )حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ…(([71])، إذ نسب التذكية في (ذَكَّيْتُمْ) إلى مباشرة الإنسان لها. إضافة إلى أنَّ الروايات قد دلّت على أنّ التذكية لا ت
صدق بفعل غير الإنسان، كما لو أزهق الحيوان روحه من قبل نفسه، أو بفعل حيوان آخر ولو بقطع مذبحه وأوداجه ما لم يدركه الإنسان فيذكيه. منها: عن الإمام الصادق u قال: «لا تأكل من فريسة السبع ولا الموقوذة ولا المتردّية إلاّ أن تدركها حية فتذكّيها»[72].
وجوابه: إنَّ التذكية المذكورة في الآية الكريمة، عبارة عن نفس الفعل الخارجي مع الشرائط الخاصة الوارد على المحل القابل، لا أنها مستندة إلى المكلَّف. إذ لا شبهة في أنها فعل المكلَّف، سواء أكانت عبارة عن المسبب، أو نفس الأفعال الخاصة، غاية الأمر على الأول تكون فعله التسبيبي، وعلى الثاني تكون فعله المباشري. ويؤيده جملة من النصوص التي رتبت الحلية على نفس الأفعال، كما في خبر زيد الشحام عن الإمام الصادق(ع): «…إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس به»[73]، أضف إلى ذلك أنه ورد في جملة من النصوص أنَّ ذكاة الجنين ذكاة أمّه[74]، ولو كانت التذكية اسمًا للمسبب؛ لما صح هذا الإطلاق[75]. إذ «يكفي في إنتساب فعل أو نتيجته إلى الفاعل المختار أن لا يتخلل بين عمله وبين حصول تلك النتيجة إرادة أخرى، بحيث يكون حصول تلك النتيجة بفعله قهريًّا وترتبه عليه طبيعيًّا، وإنْ تأخّر عنه زمانًا أو كان بينه وبين تلك النتيجة وسائط تكوينية. ومن هنا لا يستشكل أحد في صدق القتل وانتسابه إلى الإنسان إذا ما قتل شخصًا آخر بالآلة»[76].
ب- إنَّ الذبيحة لا تكون مستقبلة للقبلة؛ لعدم كون منحرها وبطنها إليها. وقد نصّت الروايات، وأجمع الفقهاء -كما في الجواهر وغيره من الكتب- على مراعاة هذا الشرط، إلّا في حالة النسيان أو الجهل بالحكم، أو الخطأ في جهة القبلة، أو عدم التمكن من الحيوان؛ لاستعصائه، أو لتردِّيه …
وأجابه السيد الروحاني: بأنَّ مقتضى إطلاق النصوص كفاية الاستقبال بالذبيحة بأي نحو كان في الحِلِّية، ولا تعتبر فيه كيفية خاصة، فلو أوقف الحيوان إلى القبلة بأن كان رأسه إليها -كهيئة الإنسان في حال الركوع والسجود، والإبل في حال النحر إذا كانت قائمة- يصدق أنه مستقبل للقبلة[77]. بل يكون الاستقبال محفوظًا أيضًا، إذا كان الذبح بشكل عمودي كما في ذبح الدجاجة بالماكينة وهي معلّقة من رجليها على رأي السيد محمود الهاشمي[78]. أضف إلى هذا فإنَّ السيد الهاشمي لم يعتبر الاستقبال في حِلِّية الذبيحة، بعد أن أطال البحث في هذا الشرط، وخلص إلى أنَّ مقتضى الدليل الاجتهادي.. حصول التذكية بغيره، إذا تحققت سائر الشرائط المعتبرة؛ لما دلّت عليه عمومات التذكية في الكتاب الكريم والروايات، كما ذهب إلى إمكانية التخلّص من مشكلة الاستقبال بجعل من لا يرى وجوب الاستقبال عليها من سائر المذاهب الإسلامية، فتكون الذبيحة محللة؛ إذ لا شك في حِلِّية ذبيحتهم عند الإمامية[79].
تعقيب: يبدو في ما قاله السيد الهاشمي نظر.. إذ الظاهر من فتاوى الفقهاء أنَّ حِلِّية ذبائح المذاهب الأخرى من حيث اعتقادهم بالإسلام، لا أنها تحلُّ وإن أخلّ الذابح بالشرائط المعتبرة عند الإمامية مع حصول القطع بذلك الخلل بالنسبة للمكلَّف. ولا أدل على اعتبار حيثية المعتقد من أنَّ الكتابي –أو غيره من الكفار- لو جاء بجميع ما يعتبره الإمامية من شرائط في التذكية لما حلّت ذبيحته.
ج- عدم تحقّق التسمية من الذابح؛ إمّا لحصول الفاصل بين ذبح الحيوان وفري أوداجه الأربعة وبين زمان تشغيل الماكينة، أو ربط الحيوان بها من قبل الإنسان المستخدم لها أولًا، وإمّا أنه يسمّي تسمية واحدة للذبائح المتعددة ثانيًا.
وجواب الأول: أنه يمكن تلافي حصول الفاصل الزمني بين التسمية والذبح، بـ[80]:
1- افتراض تكرار الذابح -وهو المحرِّك للآلة أو الذي يربط الحيوانات بها للذبح- للتسمية إلى زمان حصول الذبح بها. وذهب السيد علي السيستاني إلى تكرار التسمية ما دام الجهاز مشتغلًا بالذبح، أما مع الشك في حلية الذبيحة من جهة الشك في وقوع التسمية، فإنها تعتبر طاهرة ويحلّ أكلها[81].
2- أنَّ الفاصل الزماني إذا كان قصيرًا بحيث يُعَد عرفًا بحكم المتصل بزمان الذبح، شمله إطلاق ذكر اسم الله في قوله تعالى: )فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ…([82]، وكذا إطلاق الروايات.
3- إنَّ زمان الذبح بكل شيء يكون بحسبه، فإذا كان الذبح باليد فزمانه مثلًا زمان وضع السكين على مذبح الحيوان للفري، وأما إذا كان بالآلة فزمانه زمان تشغيلها وتوجيهها على الحيوان بحيث يتحقق الذبح ويترتب عليه قهرًا. وهذا نظير التسمية في الصيد، حيث يتحقق عنوان الصيد من حين رمي السهم أو إرسال الكلب، ولهذا يجب التسمية عنده، وإن كانت إصابة الحيوان الذي يُراد صيده بالسهم أو بالكلب المعلَّم متأخرًا زمانًا.
أما جواب الثاني: ففيه تفصيل، فإنْ كان الذبح تدريجيا –أي حيوان بعد آخر- لم يكفِ تسمية واحدة؛ لأنه حين ذبح الثاني لم يُسمِّ، والتسمية الأولى منفصلة عن هذا الذبح، في حين أنَّ الأمر يوجب التسمية عند الذبح. وإنْ كان الذبح دفعيًا –أي تذبح الحيوانات جميعًا مرة واحدة- كفت التسمية الواحدة لجميع
ها؛ ودليله مقتضى إطلاق الآيات القرآنية هو الاكتفاء في الحل بذكر اسم الله على الذبيحة، وفي الفرض يصدق أنه ذكر اسم الله على الذبائح، كما أنَّ الفقهاء قد أفتوا بأنه إذا أرسل الصائد كلبًا معلَّمًا أو رمى سهمًا وذكر اسم الله فصاد الكلب صيدًا آخر أو أصاب السهم حيوانًا آخر حلَّا معًا، مع أنَّ المفروض أنه لم يُسمِّ إلّا واحدة، وهذا العنوان يصدق في المقام[83].
د- إبانة -قطع- رأس الذبيحة عمدًا، وقد نُهي عنه، والنهي يعني حرمة الذبيحة.
وجوابه: هناك اختلاف بين الفقهاء في إفادة النهي للحرمة، إذ ذهب بعضهم إلى عدم إبانة الرأس قبل أن تبرد الذبيحة، وذهب آخرون إلى حرمة الإبانة وعدم محرّميتها للذبيحة. أما المشهور بين الفقهاء فهو الكراهة، وهي الأظهر عند السيد الروحاني، ودليله على جواز الإبانة إطلاق الأدلة، سواء القرآنية أو الحديثية([84]).
ه- تذبح الذبيحة من القفا، وهو مستلزم لإبانة الرأس الموجِب للحرمة، كما أنَّ مشهور الفقهاء يشترط استقرار الحياة في الحيوان بعد قطع الرقبة وقبل قطع الحلقوم، أي أنه يمكن لمثله أنْ يعيش اليوم والأيام، فلو كانت الحياة غير مستقرة فيه فهو بمنزلة الميتة ولا يحِلّ بالذباحة[85]،
وأجابه السيد الروحاني: «ولكن: الحق تبعًا لأكثر القدماء والمتأخرين عدم اعتبار استقرار الحياة، بل عن الشيخ يحيى بن سعيد، إنَّ اعتبار استقرار الحياة ليس من المذهب، بل المعتبر أصل الحياة المستكشفة بالحركة بعد الذبح ولو كانت جزئية يسيرة، أو خروج الدم المعتدل»[86]، وقد استدل في عدم اعتبار استقرار الحياة بالاستثناء بـ (إلّا) في قوله تعالى )…إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ…([87] من النطيحة()، والمتردية(*)، وما أكل السبع.. وفي صحيح زرارة عن الإمام الباقر u قال: «كُلْ كُلَّ شيء من الحيوان غير الخنزير والنطيحة والمتردية وما أكل السبع، وهو قول الله (إلّا ما ذكيتم) فإن أدركت شيئًا منها وعينه تطرف، أو قائمة تركض، أو ذَنَب يمصع، فقد أدركت ذكاته فكُلْه…»[88] وصحيح الحلبي عن الإمام الصادق(ع) «…إذا تحرك الذَنَب أو الطرف أو الإذن فهو ذكي»[89] …إضافة إلى كثير من النصوص التي استدل بها، ومنها خلص إلى القول بـ «عدم اعتبار استقرار الحياة، بل المعتبر أصل الحياة، وعليه فالذبح من القفا لا إشكال فيه، إن كان الحيوان حيًّا قبل أن يفري الأوداج ومات بعد تمامية الفري»[90].
تعقيب: يبدو لي أنَّ رأي السيد بحاجة إلى وقفة؛ لأنَّه ثبت في علم الطب أنَّ قطع النخاع الشــــوكي يحدث صدمة عصبية في الحيوان، ومنها تحدث الوفاة بسرعة، «وهو ما يحدث في حالة الشـــنق عند فصل الرأس عن الجسم، بتعليق ثقل الأخير على الوصلة بين الفقرة العنقية الأولى والجمجمة، وهي بالفصل أسرع طريقة للموت»[91]. وعلى فرض بقاء الحيوان حيًّا للحظات فإنَّ قطع النخاع يتسبب في حدوث الشلل التام ومن ثم لا يخرج الدم بشكل متعارف -وهو المعتبر شرعًا-؛ لأنه سيظل حبيسًا بين العضلات والأحشاء ولا يجد ما يضغط عليه للخروج منها.
– حكم الصورة الثانية:
الحكم في هذه الصورة مبني على رأي أهل الاختصاص –من أطباء، وأطباء بيطريين…وغيرهم- وفيه وجهان[92]:
الوجه الأول: إذا ثبت عندهم أنَّ الصعق الكهربائي أو استنشاق غاز ثاني أوكسيد الكربون، أو أي طريقة أخرى تؤدي إلى موت بعض الحيوانات، فحينئذ يحصل علم إجمالي بموت بعضها قبل إجراء التذكية لها، وبهذا لا يمكن الحكم بحلّ أي ذبيحة من هذه الحيوانات؛ لأنَّ الشبهة محصورة فيها.. وكذا إذا كانت الذبائح المعلّقة على الشريط الدوّار ليست كلّها على نسق واحد من ناحية الطول، وحينئذ فقد تضرب الآلة الحادّة موضع الذبح وقد تضرب الرأس نفسه أو الصدر، وبه لا تكون كل الحيوانات مذكّاة؛ لحصول علم إجمالي بقتل بعضه بما ليس ذبحاً شرعياً، ومن هنا لا يمكن الحكم بحِلِّ هذه الطريقة إلاّ إذا تم التأكّد من أنّ الحيوان الذي صُعق بالكهرباء لم يمت، وأن الآلة الحادة قد ذبحته في موضع التذكية.
الوجه الثاني: إذا ثبت عندهم أنَّ الصعق والتخدير يؤديان إلى فقدان الحيوان لوعيه فقط، وأنه سيعود إليه بعد مدّة معينة، فيكفي في هذه الحالة إجراء التذكية على الحيوان لحِلِّيته، ويكفي خروج الدم المتعارف في أمثال هذه الحيوانات المدوّخة وإنْ كان زمن النزف فيه أطول من الوقت المعتاد بدون التدويخ. وأمّا إذا شُكَّ في حياة الحيوان بعد التدويخ، فيكفي للحكم بالحياة حركته بعد التذكية (كحركة الذَنَب والاُذن)؛ وذلك للروايات الصحيحة: منها صحيحتي زرارة والحلبي المتقدمتي الذكر[93]. وعلى هذا فمن الطبيعي حرمة الحيوان المشكوك حياته إذا اُجريت عليه التذكية ولم يتحرك منه شيء.
تعقيب: الاستدلال بهاتين الروايتين فيه تأمّل، إذ لسان حالهما إعطاء الحكم في الحيوان مشكوك الحياة بسبب طبيعي، كأن يكون مصاب بمرض، أو نطحه حيوان آخر، أو تردّى، أو أكله السبع…إلخ وأدركه الإنسان، فله أن يذكّيه ويأكله؛ لئلّا يذهب لحمه وماليّته هدرًا، لا أنَّ الإنسان نفسه هو الذي يتعمّد إلى جعل ا
لحيوان بحالة تشبه هذه الحالات وهو في غنًى عنها!.
2- رأي فقهاء المذاهب الإسلامية الأخرى
سأذكر أهم آرائهم في الوقت المعاصر، المتمثل بمجمع الفقه الإسلامي، وداري الإفتاء (المصرية، والسعودية).
أ- مجمع الفقه الإسلامي.
قرر (مجلس مجمع الفقه الإسلامي) المنعقد في دورة مؤتمره العاشر بجدّة -السعودية- خلال الفترة (28/6–3/7/1997م)، وبعد اطلاعه على البحوث المقدمة إلى المجمع في موضوع الذبائح، واستماعه للمناقشات التي دارت بمشاركة الفقهاء والأطباء وخبراء الأغذية، ما يأتي[94]:
– حكم الذبح الآلي:
§الأصل أن تتم التذكية في الدواجن وغيرها بيد المذكّي، ولا بأس باستخدام الآلات الميكانيكية في تذكية الدواجن ما دامت شروط التذكية الشرعية قد توافرت، وتجزئ التسمية على كل مجموعة يتواصل ذبحها، فإن انقطعت أعيدت التسمية.
§أن يكون المذكّي بالغًا أو مميزًا، مسلمًا أو كتابيًا.
§ أن يكون الذبح بآلة حادة تقطع وتفري بحدِّها، سواء كانت من الحديد أم من غيره مما ينهر الدم.
§أن يذكر المذكّي اسم الله تعالى عند التذكية. ولا يكتفي باستعمال آلة تسجيل لذكر التسمية، إلّا أنَّ من ترك التسمية ناسيًا فذبيحته حلال.
– حكم الذبح بعد الصعق الكهربائي:
§ الأصل في التذكية الشرعية أن تكون بدون تدويخ للحيوان، لأنَّ طريقة الذبح الإسلامية بشروطها وآدابها هي الأمثل، رحمة بالحيوان وإحسانًا لذبحته وتقليلًا من معاناته، ويطلب من الجهات القائمة بالذبح أن تطور وسائل ذبحها بالنسبة للحيوانات الكبيرة الحجم، بحيث تحقق هذا الأصل في الذبح على الوجه الأكمل.
والحيوانات التي تذكّى بعد التدويخ فذكاتها شرعية، ويحِلّ أكلها إذا توافرت الشروط الفنية التي يتأكد بها عدم موت الذبيحة قبل تذكيتها، وقد حددها الخبراء بـ : (أن يتم تطبيق القطبين الكهربائيين على الصدغين أو في الاتجاه الجبهي-القذالي (القفوي)، وأن يتراوح الفولطاج ما بين (100-400 فولط)، وأن تتراوح شدة التيار ما بين (750-1 أمبير) بالنسبة للغنم، وما بين (2-2,5 أمبير) بالنسبة للبقر. وأن يجري تطبيق التيار الكهربائي في مدة تتراوح ما بين (3-6 ثوان).
§ لا يجوز تدويخ الحيوان المراد تذكيته باستعمال المسدس ذي الإبرة الواقذة أو بالبلطة أو بالمطرقة، ولا بالنفخ على الطريقة الإنجليزية.
§ لا يجوز تدويخ الدواجن بالصدمة الكهربائية، لما ثبت بالتجربة من إفضاء ذلك إلى موت نسبة غير قليلة منها قبل التذكية.
§ لا يحرم ما ذكّي من الحيوانات بعد تدويخه باستعمال مزيج ثاني أكسيد الكربون مع الهواء أو الأوكسجين أو باستعمال المسدس ذي الرأس الكروي بصورة لا تؤدي إلى موته قبل تذكيته.
ب-دار الإفتاء المصرية.
– حكم الذبح الآلي:
أفتوا بصحة الذبح الآلي إذا تطابق مع شروط التذكية عندهم، من حيث كون الذابح –مشغل الماكينة- مسلمًا أو كتابيًا، ويذكر التسمية أثناء التشغيل أو أنها تُذكر من خلال جهاز التسجيل -ولا بأس إنْ لم تذكر أصلًا على رأي المذهب الشافعي- ، كما اشترطوا أن يكون الذبح بحدِّ الآلة لا بشيء آخر.. والفتوى هي: «إذا كانت آلة الذبح تقتل بحدِّها لا بأي طريقة أخرى، وكان من يقوم بتشغيلها مسلمًا أو كتابيًّا، وكان المذبوح مأكول اللحم –فإن أكله حينئذٍ حلال… والتسمية عليه عند ذبحه –بعد ذلك كله– سُنَّةٌ لا يضر تركها كما هو مذهب الشافعية ورواية عند الحنابلة»[95].
– حكم الذبح بعد الصعق الكهربائي:
أناطوا الحكم في هذه الصورة بأهل الاختصاص أيضًا، واشترطوا في صحته استقرار الحياة في الحيوان بعد الصعق أو التخدير، والفتوى هي: «إذا ثبت طبيًّا وعلميًّا أنَّ استخدام طريقة ما للسيطرة على الحيوان قبل ذبحه يترتب عليها خروج الحيوان من الحياة المستقرة إلى موت أو إلى حركة مذبوح لا يتحرك بالإرادة -مما يتعارض مع شروط الذبح المقررة في الفقه الإسلامي– فإن هذه الطريقة لا تجوز شرعًا، أما إذا اقتصرت آثارها على إضعاف المقاومة أو تخفيف الألم فقط -وبحيث لو ترك دون ذبح لعاد إلى حياته الطبيعية– فإنه يجوز استخدام هذه الطريقة للسيطرة على الحيوان قبل ذبحه في هذه الحالة؛ لأنه لا يتعارض مع القواعد الشرعية في ذبح الحيوان»[96].
ولمزيد من التوضيح أنقل استفتاء آخر، جاء فيه:
«اطلعنا على الطلب المقيد برقم 1401 لسنة 2005م، المتضمن ما يأتي: … قامت شركتنا بالاتصال بمعظم الشركات الأجنبية المتخصصة في إنشاء المجازر الآلية وأفادت جميعها بالآتي:
أنه من المعروف في جميع المجازر الآلية أن الدجاجة عند تعليقها في السير العلوي تمهيدا لذبحها فإنها تُعَلق من رجليها، ورأسها إلى أسفل وبالتالي فإنها تتحرك بصفة مستمرة خاصة أجنحتها ورأسها. أن نظام الذبح الأوتوماتيكي عبارة عن عدد 2 ماكينة: الأولى تقوم بتهدئة الدجاجة قبل دخولها إلى الماكينة الثانية وهي الذبح الآلي، وهذه التهدئة تتم عن طريق مرور تيار كهربائي في حوض به ماء، ثم دخول الدجاجة أوتوماتيكيًّا إلى هذا الحوض لمدة ثوان، مما يؤدي إلى شل حركتها تمامًا الرأس والأجنحة، ولي
س خنقها أو موتها؛ وذلك تمهيدًا لدخولها إلى ماكينة الذبح الآلي المركب عليها سكاكين حادة للغاية تقوم بذبح الدواجن آليًّا دون فصل الرأس.
سيتم تركيب جهاز تسجيل على ماكينة الذبح الآلي مسجّل عليه “باسم الله – الله أكبر” عدة مرات. والمرجو من سيادتكم التكرم بالإفادة عن حكم الشريعة الإسلامية فيما سبق ذكره، وهل هذا الذبح بهذه الطريقة مطابق للشريعة؟
الـجـــواب: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
الذي جرى عليه جمهور الفقهاء أنَّ كل ما أنهر الدم وأفرى الأوداج فهو آلة للذبح –ما عدا الظفر والسن… وعليه وفي واقعة السؤال: فإذا كان الحال كما ورد بالسؤال وأن الدجاج سوف يذبح بطريقة آلية في مرحلتين: الأولى: الغرض منها إضعاف مقاومة الحيوان؛ ليسهل التحكم فيه والسيطرة عليه ولا تؤدي إلى موته، بمعنى أنه لو تُرِكَ بعد مروره بالتيار الكهربائي دون ذبح عاد إلى حياته الطبيعية جاز استخدام هذه الطريقة وحل أكل هذا الحيوان بعد ذبحه ذبحًا شرعيًّا. أما إذا كان مرور الدجاج بالتيار الكهربائي يؤثر على حياة الحيوان بحيث لو تُرِكَ بعد التخدير دون ذبح فإنه يفقد حياته فإن الذبح حينئذٍ يكون قد ورد على ميتة، فلا يحل أكلها في الإسلام. وبناءً عليه: إذا تأكد أهل الاختصاص أن مرور الحيوان بماء به تيار كهربائي -كما وُصِفَ بالسؤال- لا يؤثر على حياة الحيوان أو خروج الدم منه، ثم إنه يذبح بالمرحلة الثانية الموصوفة بالسؤال، فيكون الذبح حلالا ولا غبار عليه. والله سبحانه وتعالى أعلم«[97].
ج- دار الإفتاء السعودية
أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء بانَّ «الذبح بالآلات التي تقطع ما شرع قطعه من الحيوانات المأكولة اللحم على الطريقة الشرعية لا يختلف عن الذبح بالسكين، فإذا قصد الذبح من حرّك الآلة بأي وسيلة، وذكر أسم الله وحده، حين ذاك أكلت ذبيحته إذا كان مسلماً أو يهودياً أو نصرانياً، لأن كل ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فهو حلال أكله، إلّا السن والظفر»[98]..
وأجاب الشيخ ابن باز عن استفتاء يُسأل فيه عن حلّيِة أكل ذبائح النصارى في الزمن الحاضر، مع العلم بتعدد طرائق الذبح لديهم كاستخدام الماكينات والمواد المخدرة في عملية الذبح، فأجاب: «يجوز أكل ذبائحهم ما لم يعلم أنها ذبحت بغير الوجه الشرعي، لأن الأصل حلها كذبيحة المسلم لقول الله تعالى: “وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم”»[99].
وعقّب على فتوى الشيخ يوسف القرضاوي[100] التي يقول فيها: «اللحوم المستوردة من عند أهل الكتاب كالدجاج ولحوم البقر المحفوظ مما قد تكون تذكيته بالصعق الكهربائي ونحوه حِلٌّ لنا ما داموا يعتبرون هذا حلالاً مذكّى…»، أنَّ هذه الفتوى فيها تفصيل مع العلم بأن الكتاب والسنة قد دلّا على حل ذبيحة أهل الكتاب، وعلى تحريم ذبائح غيرهم من الكفار، وأما ما ذُبِح على غير الوجه الشرعي، كالحيوان الذي علمنا أنه مات بالصعق أو بالخنق ونحوهما، فهو يعتبر من الموقوذة أو المنخنقة حسب الواقع سواء كان ذلك من عمل أهل الكتاب أو عمل المسلمين، أما كون اليهود أو النصارى يستجيزون المقتولة بالخنق أو الصعق فليس ذلك يجيز لنا أكلهما كما لو استجازه بعض المسلمين، وإنما الاعتبار بما أحلَّه الشرع المطهر أو حرّمه، وكون الآية الكريمة قد أجملت طعامهم لا يجوز أنْ يؤخذ من ذلك حِلُّ ما نصّت الآية الأخرى على تحريمه من المنخنقة والموقوذة ونحوهما، بل يجب حمل المجمل على المبين كما هي القاعدة الشرعية المقررة في الأصول[101]. ولا ريب انّ رأيه يوافق رأي مشهور الفقهاء.
المطلب الثاني: الذبح المشترك (الآلي- اليدوي) وأحكامه.
بعد أنْ تحرّت الدول الإسلامية عن اللحوم المورَّدة من الدول الغربية، وعرفت طرائق الذبح فيها، وجدتها لا تتماشى والشريعة الإسلامية؛ لما يعتري طرائق الذبح هذه من شبهات، فعزفت عن استيراد هذه اللحوم أو قللت منها. الأمر الذي جعل بعض الدول الغربية تبادر إلى إنشاء مجازر الذبح الحلال –كما يطلقون عليها- التي يكون الذبح فيها يدويًا -ولكن بمساعدة الآلات- دون أن يسبقه صعق أو تخدير للحيوانات. وصورة هذه الطريقة هي:
أولًا: في ذبح الأبقار والأغنام
تذبح الأبقار بعد أن تساق فرادى إلى مكان ضيق، ثم يغلق عليها بطريقة لا تستطيع الخلاص منه، ثم يقوم أحدهم بمطرقة في يده بضرب رأس الحيوان ضربة غير مميتة بقصد أن يغيب عن وعيه ليمكن السيطرة عليه أثناء الذبح، وفعلًا يسقط الحيوان على الأرض، ثم تتناول قدمه مباشرة رافعة ترفعها –أوتوماتيكيًا- إلى الأعلى ورأسه منكس إلى الأسفل، فيتولى الذابح قطع الأوداج بسكين يدوي، أما الأغنام فتعلّق بواسطة آلة أيضًا -دون أن تضرب بمطرقة- ثم تذبح يدويًا بقطع الأوداج بسكين حاد[102]..
ثانيًا: في ذبح الدجاج: إذ يتم تعليقها مباشرة من أرجلها منكوسة الرأس –أيضًا- على آلة متحركة -شريط سيّار- تسوقها إلى مكان وجود قرص حاد دوار يقوم بذبح الدجاجات الواحدة تلو الأخرى وعلى بعد أقل من متر -والدجاج لا يزال على الشريط نفسه- يوجد ذابح بيده سكين يتابع ويتمم ذبح
ما لم يتم ذبحه بواسطة القرص، مع ترديده للتسمية، ومن ثم فالآلة نفسها تسوق الطير المعلق بعد عملية الذبح إلى مكان فيه ماء ساخن لتغمسه فيه كي يتم نتفه وتنظيفه، ومن ثم يساق إلى مكان التعبئة بالأكياس النيلون وبعدها إلى مكان مبرّ ّد مخصص للتخزين[103].
والمؤاخذ على هذه الطريقة، أنها:
1- لا يعرف فيها هوية الذابح.
2- لا يراعى فيها مسألة استقبال القبلة.
3- لا يتحقق فيها قطع الوريدين غالباً، وعندما تصل الدجاجة غير المذبوحة إلى مكان الذابح تصل وهي مختنقة بفعل ضغط القرص من غير ذبح، فيبادر إلى ذبحها وهي ميتة غالبًا. كما أنَّ الدجاج المذبوح يغمس في الماء المغلي بعد مدة وجيزة من الذبح قد لا يكون الطير خلالها قد فارق الحياة.
وعلى الرغم من أنَّ المذاهب الإسلامية الأخرى تجيز ذبح الكتابي (اليهودي، أو النصراني) وتجيز الذبح الآلي، إلّا أنَّ بعض دول الخليج والدول الإسلامية اتفقت مع بعض المجازر الغربية على أن يكون الإشراف على الذبح اليدوي بنفسها، كما أنَّ بعضها أنشأت مجازر خاصة بها في تلك الدول لتقوم بعملية التذكية بنفسها.
ولأنَّ شروط التذكية عند الإمامية تختلف عن شروط المذاهب الأخرى وبالتالي لا يمكن عد تذكيتها تذكية شرعية، بادرت مؤسسة (الكفيل) التابعة إلى العتبة العباسية المقدسة في العام (2008م) إلى الاتفاق مع بعض المجازر البرازيلية على أن تكون تذكية الدجاج تتم تحت إشرافها لضمان تحقق شروط التذكية عند الإمامية، والتي تشترط أن يكون الذابح مسلمًا وأن يُستقبل بالحيوان القبلة وأن تذكر التسمية على كل حيوان على حدة. كما أنَّ الذبح في هذه المجازر يتم يدويًا بسكين حاد. ومن ثم تبعتها مؤسسات أخرى إلى التوجّه نفسه، كما في دجاج (باب المراد) الذي تتولى الإشراف على تذكيته العتبة الكاظمية المقدسة، وكذلك دجاج (الأمير)، ودجاج (الهدى) برعاية مؤسسات دينية في النجف الأشرف..
وحسب ما يشاع أنَّ هذه العلامات التجارية مزكّاة من قبل المرجعيات الدينية في النجف الأشرف.. ولكن لم يتسنى لي العثور على هذه التزكيات سواء عن طريق فتوى أو عن طريق منشور، ولكني وجدت فتوى خطية للشيخ محمد إسحاق الفياض منشورة على أحد المواقع الألكترونية تشير إلى تزكيته لماركة دجاج الكفيل، ولا أعلم مدى صحتها، :
الحكم الشرعي للذبح المشترك
لا ريب أنَّ هذا النوع من الذبح هو ذبح شرعي صحيح لايشوبه شائبة إنْ اتصف بما يشاع عنه؛ على اعتبار أنَّ الذبيحة مذكّاة وفق الشروط المعتبرة عند الإمامية، إلّا أنه قد توجّه إليه بعض إشكالات تتعلّق بأمرين، بعد فرض صحة التذكية، هما:
1- أنَّ الذبيحة وإن كان رأسها ومذبحها موجّهان نحو القبلة، إلّا أنهما بهيئة منكوسة؛ لأنها معلّقة من أرجلها ورأسها إلى الأسفل، وسبق وأن تقدم في بعض الروايات أنها أمرت بتوجيه مقاديم الذبيحة ومنحرها نحو القبلة، فذهب فقهاء إلى اعتبار إضجاع الذبيحة على جهتها اليمنى أو اليسرى وهي بهذه الكيفية، وذهب آخرون إلى أنه يكفي توجيه الرأس والمقاديم وإن كان الحيوان في حالة الوقوف أي بشكل عمودي.
2- أنَّ الدجاج يغمس بالماء الحار لنتف ريشه وتنظيفه بعد الذبح بقليل، وغالبًا ما يكون بعضه لم يمت بعد و يتم موته خنقًا بالماء، وهو يتنافى مع رواية حمران بن أعين عن أبي عبد الله (ع) في قوله: «إذا ذبحت فأرسل ولا تكتف… فإن تردّى في جب أو وهدة من الأرض فلا تأكلهُ، ولا تُطعِمه، فإنك لا تدري التردي قتله أو الذبح…»[104].
واُجيبَ عن الأول: بأنَّ الاستقبال المتيقن هو مطلق الاستقبال، ولا إشكال في كون الذبيحة منكوسة الرأس، أو بأي كيفية كانت، إنما يكفي أن يكون مذبحها إلى القبلة. وهو ما ذهب إليه كل من السيد محمود الهاشمي[105]، والسيد علي الخامنئي[106]، والسيد كمال الحيدري[107].
أما الثاني فيمكن إجابته بما قاله الشيخ الجواهري بـ: «ضرورة اقتضاء الأدلة كون ذبح الحي سببًا في الحل وإن حصل سبب آخر بعد الذبح»[108] واستدل عليه بصحيحة زرار ة عن الإمام أبي جعفر(ع)، قال: «وإن ذبحت ذبيحة فأجدت الذبح فوقعت في النار أو في الماء أو من فوق بيتك إذا كنت قد أجدت الذبح فكل»[109]، ثم عقّب بالقول: «ولا ينافي ذلك خبر حمران عنه(ع) أيضًا، “…فإنك لا تدري التردي قتله أو الذبح” بعد أن لم نجد العامل به ممن يعتد بقوله»[110] .
تعقيب: ومما سبق من القرائن يُفترض القول بصحة التذكية اليدوية بهذه الطريقة، اللهم إلّا إذا حصل الشك وعدم اطمئنان عند المكلَّف في نفس تحقق شرائط التذكية في الخارج، كونه لم يقف عليه بنفسه، أو لم يطمئن لما يخبر عنه، فالأمر حينئذ عائد إليه، والاحتياط حسَنٌ عقلاً.
الخاتمة والنتائج
بعد استقراء البحث لطرائق التذكية المستخدمة في الوقت المعاصر، وآراء الفقهاء فيها، خرج بالنتائج الآتية:
1- يتفق الفقهاء المعاصرون –ومن كلا الفريقين- على أنَّ الذبح الآلي إذا تحققت فيه شروط التذكية المعتبرة شرعًا فهو ذبح صحيح ويحل أكل ذبيحته. ولا يخفى أنَّ رأي الفقيه هنا هو بيان الحكم فقط، أ
مّا مدى تحقق موضوعه في الخارج فلا علاقة له بذلك، وإنما الأمر موكول إلى المكلّف نفسه في التحقق منه.
2- الذبح الآلي وإن تحققت فيه شروط التذكية المعتبرة، فإنه محفوف بحكم المكروه وتفويت المستحب، إذ في الغالب يؤدي إلى إبانة الرأس، والذبح من القفا، وذبح الحيوانات بمرأى ومسمع بعضها من بعض، كما لا يفرِّق بين الذبح إن وقع في الليل أو في النهار، في يوم الجمعة أو غيره من الأيام، بيد الذابح المتدين أو الفاسق.. إلى غيرها من الآداب التي اعتبرتها الشريعة فأمرت ببعضها ونهت عن أخرى، ولو لم يكن لها تأثير وضعي على الذبيحة ولحمها ومنه على الإنسان لما ورد حكم الكراهة، كما لا ريب أنَّ حكمي المكروه والمستحب من أحكام الله تعالى وهو أعلم بما فيهما من مصلحة ومفسدة، فينبغي للعاقل الامتثال لهما لتحصيل المصلحة والنأي عن المفسدة.
3- إنَّ أغلب ما يوجد اليوم في سوق المسلمين من لحوم مذكّاة وفق هذه الطرائق -سواء المستوردة أو المحلية- هي لحوم مشكوك في حِلِّيتها، ولمّا أصبح هناك شبه يقين، بل يقين عند المسلمين أنَّ جميع ما تقدمه مطاعمهم من لحوم هي لحوم مذكاة بهذه الطرائق، فهل قاعدة (سوق المسلمين) لا زالت عاملة في الوقت المعاصر؟؟ سؤال أوجهه لذوي الاختصاص من مدرسة أهل البيت (عليه السلام) لاسيما ما يخص سوق المسلمين من المذاهب الأخرى؛ لأنَّ أسواقهم ومطاعمهم مملوءة بهذه الأنواع من اللحوم، وقد ثبت أنهم يجوّزون ذبح أهل الكتاب من اليهود والنصارى، فضلًا عن أنّهم أنفسهم لا يستقبلون القبلة بذبائحهم، ومنهم من يستحل أكل ما لم يذكر اسم الله عليه.
الهوامش
[1]- الشيخ الكليني: أبو جعفر محمد بن يعقوب الرازي (ت:329هـ)/الكافي-باب الأطعمة، تصحيح وتعليق: علي أكبر غفاري، دار الكتب الإسلامية– إيران، حيدري، ط5، 6/242 ، الشيخ الصدوق: أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت: 381هـ)/علل الشرائع، منشورات المكتبة الحيدرية ومطبعتها-النجف الأشرف، 1966م، 2/484.
[2]- البقرة/172.
[3]- البقرة/168.
[4]- البقرة/173.
[5]- الجصاص: أبو بكر أحمد بن علي الرازي (ت:370هـ)/أحكام القرآن، تحقيق: عبد السلام محمد علي شاهين، دار الكتب العلمية–بيروت، 1994م ، 1/130.
[6]- الأنعام/145.
**- الكَلَب -بالتحريك- العطش والحرص والشدة، والأكل الكثير بلا شبع، وجنون الكلاب المعتري من لحم الإنسان، وقيل هو داء يعرض للإنسان شبه الجنون. الفيروز آبادي (ت: 817هـ)/القاموس المحيط، مادة (كَلَبَ).
[7]- الشيخ الكليني/الكافي، 6/243 ، الشيخ الصدوق/من لا يحضره الفقيه، 3/347 .
[8]- الشيخ الصدوق/عيون أخبار الرضا u، 1/104.
[9]- ابن منظور: أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم (ت:711هـ)/لسان العرب، نشر أدب الحوزة–قم، 1405هـ، مادة (ذكا)، 14/288.
[10]- المائدة/3.
[11]- ظ: المحقق الحلي: أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن (ت: 676هـ)/شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، انتشارات استقلال–طهران، أمير–قم، ط2، 1409ه، 4/739 ، الشهيد الثاني: زين الدين بن علي العاملي (ت: 966هـ)/مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، مؤسسة المعارف الإسلامية قم المقدسة، پاسدار إسلام، ط1، 1417هـ، 11/شرح473.
[12]- محمد حسن البجنوردي/القواعد الفقهية، تحقيق: محمد المهريزي، محمد حسن الدرايتي، دار الهادي، ط1، 1419هـ، 6/386.
[13]- م. ن.
[14]- روح الله الموسوي/كتاب الطهارة، مطبعة الآداب-النجف الأشرف، 1389ه، 3/525 ، وأيضًا في كتابه الرسائل، مؤسسة اسماعيليان، 1385ه، 1/144.
[15] – أحمد فتح الله/معجم الفاظ الفقه الجعفري، مطابع المدوخل-الدمام، ط1، 1995م، ص97.
[16]- أبو بكر محمد بن عبد الله بن احمد المعافري/أحكام القرآن، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الفكر-لبنان، 2/27.
[17]- خليل بن إسحاق الجندي (ت: 767هـ)/مختصر خليل، دار الكتب العلمية-بيروت، ط1، 1995م، ص77.
* – أي ابن المسلم الذي لم يبلغ بعد، فهو بحكم المسلم.
[18]- ظ: الشيخ الطوسي(ت: 460هـ)/الخلاف، مؤسسة النشر الإسلامي- -قم المشرفة، 1407هـ، ، 6/24 ، ابن إدريس الحلي: أبو جعفر محمد بن منصور (ت: 598هـ)/السرائر، مؤسسة النشر الإسلامي-قم المشرفة، ط2، 1410هـ ، 3/106 ، المحقق الحلي: أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن (ت: 676هـ)/شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام ، انتشارات استقلال-طهران، ط2، 1409هـ، 4/729 ، الخوئي: السيد أبو القاسم الموسوي (ت: 1413هـ)/منهاج الصالحين، مهر-قم المشرفة، ط28، 1410هـ، 2/335… وغيرهم.
[19]- الشيخ الكليني/الكافي، 6/237.
[20]- ظ: العلّامة الحلي: أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الأسدي (ت: 726هـ)/مختلف الشيعة، مؤسسة النشر الإسلامي-قم المشرفة، ط2، 1413هـ، 8/295.
[21]- الشيخ الصدوق: أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي/المقنع، مؤسسة الإمام الهادي u -قم المقدسة، اعتماد (1415هـ)، ص417 ، الروحاني: السيد محمد صادق الحسيني/فقه الصادق، مؤسسة دار الكتاب–قم المقدسة، العلمية، ط3 ، 1414هـ، 2
4/شرح 9-23 ، وأيضًا في كتابه المسائل المستحدثة، مؤسسة دار الكتاب-قم المقدسة، فروردين، ط4، 1414هـ، ص133.
* – المروة: الحجر الأبيض الحاد الذي يقدح النار.
[22]- الشيخ الكليني/الكافي، 6/228.
[23]- الشيخ الطوسي/الاستبصار فيما اختلف من الأخبار، تحقيق وتعليق: حسن الموسوي الخرسان، دار الكتب الإسلامية–طهران، خورشيد، ط4، 4/80.
[24]- الشيخ الكليني/الكافي، 6/228.
[25]- ظ: الشهيد الثاني: زين الدين الجبعي العاملي (ت: 965هـ)/شرح اللمعة الدمشقية، جامعة النجف الدينية، ط1، 1386هـ، 7/شرح215 ، الجواهري: الشيخ محمد حسن النجفي (ت: 1266هـ)/جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، تحقيق وتعليق: الشيخ عباس القوچاني، دار الكتب الإسلامية–طهران، خورشيد، ط2، 36/110 ، الخوئي/منهاج الصالحين، 2/338 ، الروحاني/المسائل المستحدثة، ص134… وغيرهم.
[26]- الشيخ الكليني/الكافي، 6/229.
[27]- م. ن. ،6/233.
[28]- الأنعام/118.
[29]- الأنعام/121.
[30]- ظ: الجواهري/جواهر الكلام، 36/113 ، الخوئي/منهاج الصالحين، 2/338 ، الروحاني/المسائل المستحدثة، ص134 … وغيرهم.
[31]- الشيخ الكليني/الكافي، 6/233
[32]- م. ن. 6/234.
[33]- ظ: الإمام مالك (ت: 179هـ)/الموطّأ، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي–بيروت، 1985م، 2/49 ، علاء الدين السمرقندي–الحنفي- (ت: 539هـ)/تحفة الفقهاء، دار الكتب العلمية–بيروت، ط2، 1993م، 3/68 ، الإمام أحمد المرتضى: أحمد بن عبد الله الجنداري الزيدي- (ت: 840هـ)/شرح الأزهار، مكتبة غمضان–صنعاء، 4/80 … وغيرهم.
[34]- الشيخ الطوسي/الاستبصار، 4/80 .
*- التسمية من السنّة –مستحبة- وليست شرطًا عند الشافعية. ظ: الإمام الشافعي: أبو عبد الله محمد بن إدريس (ت: 204هـ)/الأُم، دار الفكر-بيروت، ط2، 1980م، 2/257.
[35]- ظ: السرخسي: محمد بن أبي سهل الحنفي (ت: 483هـ)/المبسوط، دار المعرفة-بيروت، 11/227 ، عبد الله بن قدامة الحنبلي (ت: 620هـ)/المغني، 11/43 ، محي الدين النووي الشافعي (ت:676هـ)/المجموع-شرح المهذب، دار الفكر، 9/81 ، أحمد المرتضى/شرح الأزهار، 4/81… وغيرهم.
ويعلِّل النووي حرمة التذكية بهما؛ لأنَّ السِّن عظم، ولا يجوز تنجيسه بالدم، لما نُهي عن تنجيس العظام؛ لكونها زاد الجن، وأما الظفر، فمُدَى الحبشة [أي أنهم يستخدموه كسكّين للذبح]، وهم كفار، وقد نُهي عن التشبه بالكفار. المجموع، 9/81.
[36]- مسلم: أبو الحسين بن الحجاج القشيري النيسابوري (ت: 261هـ)/الجامع الصحيح، دار الفكر–بيروت، 6/78.
[37]- ظ: السرخسي/المبسوط، 12/5 ، ابن رشد الحفيد (ت: 595هـ)/بداية المجتهد ونهاية المقتصد، دار الفكر-بيروت، 1995م، 1/361 ، محي الدين النووي/المجموع، 8/358 ، الحطاب الرعيني: أبو عبد الله محمد بن محمد المغربي المالكي (ت:954هـ)/مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، دار الكتب العلمية-بيروت، ط1 (1995م)، 4/280… وغيرهم.
[38]- وَهْبَة الزُّحَيْلِي/الفقه الإسلامي وأدلَّته، دار الفكر–سوريَّة، ط4، 4/306 (كتاب الكتروني-الموسوعة الشاملة islamport.com www.)
[39]- المائدة/5.
[40]- ظ: ابن رشد الحفيد/بداية المجتهد، 1/361-362 ، الحطاب الرعيني/مواهب الجليل، 4/313 ، الشربيني: محمد بن أحمد الشافعي (ت: 977هـ)/ مغني المحتاج، دار إحياء التراث العربي-بيروت، 1958م، 4/266 .
[41]- أبو بكر الكاشاني: علاء الدين بن مسعود الحنفي (ت: 587هـ)/بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، المكتبة الحبيبية–باكستان، ط1، 1989م، 5/45.
[42]- البخاري: أبو عبد الله محمد بن اسماعيل (ت: 256هـ)/صحيح البخاري، دار الفكر-بيروت، 1981م، 3/141 ، و ظ: مسلم/الجامع الصحيح، 7/14.
[43]- ظ: مجلة البحوث الإسلامية/حكم الذبائح المستوردة، ع6، 1402هـ، فتوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن أكل اللحم الوارد من الخارج، ص186، منشورة على موقع دار الإفتاء السعودية www.alifta.net.
[44]- الإمام الشافعي/الأم، 2/254-255.
[45]- الدسوقي/حاشية الدسوقي، 2/101.
[46]- المائدة/3.
[47]- عادل البعداني/أحكام الذبائح واللحوم المستوردة، بحث منشور على موقع جامعة الإيمان الإلكتروني www.jameataleman.org .
[48]- ظ: الشهيد الثاني/مسالك الأفهام، 11/شرح486-491 ، الجواهري/جواهر الكلام، 36/134- 138 ، الخوئي/منهاج الصالحين، 2/342-343 ، الروحاني/فقه الصادق u، 24/44 . وأيضًا ظ: السرخسي/المبسوط، 11/226 ، الشربيني/مغني المحتاج، 4/272 ، عبد الرحمن بن قدامه (ت: 682هـ)/الشرح الكبير، دار الكتاب العربي-بيروت، 11/60-61… وغيرهم.
[49]- الشيخ الكليني/الكافي، 6/229.
[50]- مسلم/الجامع الصحيح، 6/72.
[51]- أحمد بن حنبل/مسند أحمد، 2/108.
[52]- محمد فؤاد البرازي/الذبح الإسلامي ومزاياه، والذبح الغربي وخفاياه، بحث مقدم إلى “مؤتمر الخليج الأول لصــــناعة الحـلال وخدماته”، الكويت، 2011م، ص8-10، البحث منشور على الموقع الالكتروني www.barazifamily.net .
[53]- الشيخ الكليني/الكافي، 6/229.
[54]- الشيخ الصدوق/
من لا يحظره الفقيه، 3/328.
[55]- الشيخ الطوسي/تهذيب الأحكام، 9/60.
[56]- الشيخ الكليني/الكافي، 6/236.
[57]- م. ن. 6/229.
[58]- ظ: الگلپايگاني: السيد محمد رضا الموسوي (ت: 1414هـ)/إرشاد السائل، دار الصفوة-بيروت، ط1، 1993م، ص130 ، الروحاني/المسائل المستحدثة، ص138 ، حسن الجواهري/بحوث في الفقه المعاصر، 2/246، مجمع الفقه الإسلامي/قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي، مجلة المجمع-(ع 10، ج ص)، قرار رقم: 94 (3/10) بشأن الذبائح، ص229 … وغيرهم.
[59]- ظ: مجلة البحوث الإسلامية/تقرير الشيخ صهيب حسن عبد الغفار–مبعوث هيئة رئاسة الإفتاء السعودية إلى لندن، ع6، ص170 ، علاء الدين محمد علي مرشدي (الدكتور)/الذب
…
Discussion about this post